الثلاثاء 15 أبريل 2025

"نحاول البقاء على قيد الحياة"، معاناة يومية للنازحين في غزة في ظل إغلاق المعابر وندرة المساعدات

الهيئة الدولية  لحماية  المدنيين

يجلس النازح الفلسطيني، أحمد الكفارنة داخل خيمته إلى جوار أحد أبنائه الصغار في وسط غزة، متفكرا في كيفية توفير ما يسد رمقه وعائلته بعد أن "أصبحت الحياة صعبة للغاية بسبب إغلاق المعابر في غزة وانقطاع الدقيق وإغلاق المخابز".

 

الكفارنة وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة نزح مع عائلته من بيت حانون في شمال القطاع إلى مدينة غزة. قال لمراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة إنه يستطيع بالكاد توفير وجبة واحدة لأطفاله يوميا، "وأحيانا أجعلهم ينامون مبكرا بسبب عدم وجود طعام".

أما بالنسبة لمياه الشرب – وفقا لأحمد - فلا يوجد مصدر للمياه النظيفة، إلا في حالات نادرة عندما تصلهم شاحنات محملة بالمياه، مضيفا: "أما بالنسبة للأدوية وأدوات النظافة، فلا تتوافر لدينا بتاتا".

وهذا هو لسان حال سمير أبو عمشة، المصاب بسرطان الجلد، والذي نزح هو الآخر من بيت لاهيا إلى وسط مدينة غزة.

وقال أبو عمشة لمراسلنا: "لا توجد أي مساعدات. نعيش حاليا على الأرز فقط. الأرز لا يشبع. بدأت أعاني من الإسهال بسبب كثرة تناوله. ولكن الحمد لله أننا على قيد الحياة".

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تحدث للصحفيين اليوم عن الوضع في غزة، مشيرا إلى مرور أكثر من شهر بدون دخول قطرة مساعدات إلى القطاع. وقال "فيما تنفد المساعدات، يُعاد فتح أبواب الأهوال". وذكر أن قطاع غزة أصبح ساحة للقتل، وأن المدنيين عالقون في دوامة موت لا نهائية.

ونبه مسؤولون أمميون رفيعو المستوى في بيان مشترك إلى أن أكثر من 2.1 مليون شخص في غزة محاصرون ويتعرضون للقصف والتجويع مرة أخرى، بينما تتكدس عند نقاط العبور المواد الغذائية والأدوية والوقود وإمدادات الإيواء والمعدات الحيوية.

وأكدوا أن ما يُقال عن وجود ما يكفي من الغذاء داخل غزة لإطعام جميع الفلسطينيين في القطاع بعيد كل البعد عن الواقع على الأرض وأن المخزونات تتناقص بشكل حاد.

 

لا عمل وأمراض مزمنة

هذا النقص يشعر به مصطفى غانم النازح من جباليا إلى وسط مدينة غزة، والذي قال لمراسلنا إنه يعتمد على ما تقدمه التكيات (المطابخ المجتمعية) لتوفير الطعام لعائلته.

وأضاف: "أحيانا نتناول الغداء ولا نتناول العشاء، والعكس صحيح. نعاني من أمراض مزمنة، وليس لدينا عمل. أنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصيبت زوجتي بثلاث جلطات خلال الخمسين يوما الماضية بسبب وضعنا المالي المتردي".

نفس المعاناة تمر بها ابتهال غانم التي قالت "لم نتلق مساعدات منذ فترة طويلة"، مشيرة إلى اعتمادهم بشكل كلي على التكيات.

وفي مواجهة تلك الظروف، أقامت ابتهال فرنا صغيرا لإنتاج الخبز تجني منه مبلغا بسيطا يتراوح بين 10 و15 شيكلا يوميا، في محاولة لإعالة عائلة تتألف من 12 فردا.

 

رحلة يومية للبقاء

رحلة البقاء على قيد الحياة هي صراع يومي كما توضح النازحة أم العبد شتات التي نزحت مع عائلتها من بيت حانون إلى مدينة غزة.

وقالت أم العبد لمراسلنا عن تلك الظروف الصعبة: "الأسرة ليس لديها دخل على الإطلاق. لا أحد يسأل عنا. إذا توفرت وجبات من التكيات، نأكل؛ وإذا لم تتوفر، نضطر للعيش بدونها ونحاول تدبير أمورنا".

وأشارت إلى أن العيش في الخيام لا يُطاق بسبب الحر الشديد، مضيفة "أهرب إلى مبنى قريب لأجلس في الظل مع أطفالي حتى يبرد الجو، ثم أعود إلى الخيمة. هكذا نعيش، نبحث عن الماء، ونبحث عن الغذاء لإطعام الأطفال. ونحاول البقاء على قيد الحياة".

وناشد مسؤولو الأمم المتحدة قادة العالم التحرك - بقوة وسرعة وحسم - لضمان احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة للشهر الثاني.

وذكر الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش أن على إسرائيل- بصفتها القوة القائمة بالاحتلال- التزامات واضحة وفق القانون الدولي.  وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، على القوة القائمة بالاحتلال ضمان الغذاء والإمدادات الطبية للسكان، والعمل على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات والصحة العامة والشروط الصحية في الأرض المحتلة، والموافقة على خطط إغاثة وتيسيرها بكل الطرق المتوفرة لديها - إذا لم تتوفر الإمدادات الكافية لكل أو جزء من السكان في أرض محتلة.

وشدد غوتيريش على أن الوقت قد حان لإنهاء تجريد المدنيين من إنسانيتهم ولحمايتهم والإفراج عن الرهائن وضمان وصول الإغاثة المنقذة للحياة واستئناف وقف إطلاق النار.