بيان رسمي | من الهيئات الدولية لحماية المدنيين؛ الوقت يوشك أن ينفد أمام التحرك الدولي لحماية المدنيين ومنع وقوع الجرائم الوحشية في رفح، على خلفية تجاهل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
أصدرت الهيئات الدولية لحماية المدنيين والمنظمات الحقوقية الدولية اليوم الخميس 4-نيسان/ابريل -2024 تحذيرأٍ من أنه بعد مضي أسبوع على صدور قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القاضي بوقف إطلاق النار فورًا، ومرور أيام على إصدار محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة إضافية في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، ينبغي على الدول أن تتحرك بصورة طارئة لضمان تنفيذ القرار ومنع ارتكاب جرائم وحشية في رفح مع اشتداد حدة الهجمات.
وفي الأسبوع المنصرم، أوضحت الحكومة الإسرائيلية بجلاء نيتها في توسيع العمليات العسكرية في رفح بصرف النظر عن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الملزم قانونيًا والقاضي بوقف فوري لإطلاق النار. وفي خلال الأسبوع المنصرم، شاهدنا بدء تكشُّف فصول هذا السيناريو أمام أعيننا، حيث أوقع القصف الإسرائيلي ما لا يقل عن 31 قتيلًا من ضمنهم 14 طفلًا في رفح يومي 26 و27- مارس/آذار -2024 وحدهما. وقد كررت منظمات حماية المدنيين والمنظمات الانسانية والحقوقية تحذيرها مرارًا وتكرارًا من أن الاجتياح البري الإسرائيلي المزمع لرفح ينذر بالقضاء إلى حد كبير على الحياة والمساعدات التي تنقذ حياة ما يزيد على 1,3 مليون مدني، من ضمنهم 610,000 طفل على الأقل، هم الآن في مرمى النيران مباشرةً.
وليس هناك خطة إجلاء يمكن تنفيذها أو أوضاع من شأنها أن تحمي المدنيين إذا جرى المضي قدمًا بالاجتياح البري. وإن إسرائيل ملزمة – للتقيد بالحظر المطلق على النقل والترحيل القسريين للمدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي – بأن تتخذ “كافة التدابير الممكنة” لتقديم الضروريات الأساسية للمدنيين الذين يتم إجلاؤهم للبقاء على قيد الحياة والضمانات لعودة آمنة وكريمة حالما تنتهي الأعمال العدائية. وتشمل هذه التدابير الحرص على توفير الأمان والحماية، والمأوى، والماء، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتغذية بشكل كاف وملائم. واليوم، لا يوجد مكان يوفّر ذلك داخل غزة أو خارجها؛ إذ إن القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وستة أشهر من الأعمال العدائية قد ألحقت أضرارًا بما يزيد على 60 بالمئة من الوحدات السكنية أو دمرتها وقضت على معظم البنية التحتية في شمالي غزة ووسطها.
وليس هناك مكان آمن يذهب إليه الأشخاص في غزة. فالقوات الإسرائيلية هاجمت على نحو متكرر مناطق حددتها سابقًا كمناطق “آمنة”. وأودت الغارات الجوية الإسرائيلية على ما يسمى بالمنطقة الآمنة في المواصي وحولها بحياة 28 شخصًا على الأقل، مع دخول القوات البرية الإسرائيلية سابقًا إلى جزئها الشمالي واحتلاله. وفي شتى أنحاء غزة، حتى عندما تقدم منظمات حماية المدنيين أماكن العمليات الخاصة بالمساعدات وأماكن الموظفين إلى القوات الإسرائيلية، تظل هذه الأماكن تتعرّض للهجوم. فقد قُتل عمال إغاثة، وتعرّضت قوافل مساعدات لإطلاق النيران الإسرائيلية، وتتعرض الملاجئ والمستشفيات التي يدعمها مجتمع العمل الإنساني للضرر أو التدمير تحت القصف الإسرائيلي. ويُرجَّح أن تُقدّم المقترحات الجديدة للحكومة الإسرائيلية لإرغام المدنيين على التوجه إلى ما يسمى بـ “الجزر الإنسانية” زعمًا كاذبًا آخر بالأمان وأن تحشر بدلًا من ذلك المدنيين في مناطق صغيرة ومحصورة وتفتقر إلى موارد كافية حيث يواجهون خطر التعرّض لهجمات، سواء كانوا داخل هذه “الجزر” أو خارجها.
وليس هناك أي مناطق في غزة يتوفر فيها كم كافٍ من المساعدات والخدمات لضمان بقاء السكان على قيد الحياة. وفي رفح نفسها، لا تعمل الخدمات الأساسية والبنية التحتية إلا بصورة جزئية، ويتضمّن ذلك المستشفيات، والمخابز، ومرافق والصرف الصحي التي تعمل فوق طاقتها. وقد تعرّض وسط غزة وشمالها للدمار الهائل، مع محو أنظمة، وبنى تحتية، وأحياء بأكملها من وجه الخريطة واستمرار القيود المفروضة على إمكانية وصول الوكالات والمساعدات الإنسانية. كذلك من شأن المزيد من التصعيد للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح أن يُرتّب عواقب كارثية على استجابة إنسانية معرقلة أصلًا في شتى أنحاء غزة، علمًا أن معظم عمليات تنسيق المساعدات والبنية التحتية اللازمة لها التي أقيمت منذ أكتوبر/تشرين الأول -2023 موجودة في رفح.
وتتحمل جميع الدول واجب حماية المدنيين من الجرائم الوحشية.
ويعيش الأطفال والعائلات في رفح في حالة دائمة من الخوف والخطر. وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية نيتها توسيع العمليات العسكرية هناك، وازداد خطر حدوث ذلك أكثر من مرة منذ 31 مارس/آذار عندما اعتمد مجلس الحرب الإسرائيلي خططًا لتنفيذ عمليات برية في المحافظة التي تقع في أقصى جنوب غزة. وفي حين أن بعض الدول أعربت علنًا عن استهجانها ورفضها، فإن الضغوط والبيانات الدبلوماسية الدولية لم تكن كافية حتى الآن لتحقيق نتائج وتجنب حدوث الاجتياح المزمع. ولكن تتوفر جملة من تدابير الحماية أمام الدول الملزَمة باحترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والحرص على احترامهما، كما اتّضح سابقًا في أزمات أخرى خاصة بحماية المدنيين.
وينبغي على الدول أن تتخذ الآن إجراءات عاجلة لضمان التنفيذ الفوري لوقف إطلاق نار دائم، واستكشاف كافة الخيارات المتوافرة لحماية المدنيين، بما يتماشى مع الواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويشمل ذلك التوقف فورًا عن نقل الأسلحة، وقطع الغيار، والذخائر إلى حيث يوجد خطر في استعمالها لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. وأي شيء يقل عن ذلك ليس مجرد تقاعس، بل يفشل في استيفاء المقتضيات الأخلاقية، والإنسانية، والقانونية.